الجمعة، 11 مارس 2022

عن المجموعة القصصية "تحت المظلة" - لنجيب محفوظ

البناء بلا أخطاء. السرد جميل. القدرة على الإتيان بموقف مثير للاهتمام أو طريف بلا افتعال. القصص ممتعة بهذا المعنى، ولكنه إمتاع كافٍ لمشاهد من روايات متفرقة. باستثناء القصة الأولى؛ "تحت المظلة" المبنية على المحاكاة، لا تستأهل أي قصة أخرى من قصص المجموعة التفاتًا جادًا.

العمل الفني الجيد وليد الحيرة والارتباك وقلق الإنسان في العالم، وليس ساحة لبث الآراء المسبقة. نجيب منشغل تمامًا بالفلسفة والأخلاق ومعنى الحياة وكيفية العيش في ظل الكليات وبهديها، أو بغيره. له آراء فعلًا ويغلب عليه الضعف أحيانًا فيقحمها في رواياته بفجاجة فيؤثر عليها سلبًا، ولكن تميزه كروائي - فوق قدرته الفذة على إتقان "الصنعة" - يكمن في عرض تناقضات النفس، في حدود مدركاته، عبر السرد والبناء؛ أن ينقل الإنسان الحائر إلى دائرة الضوء عبر حياته وشواغل نفسه المعروضة من خلال دورانه في محيطه. هنا مساحة للتأويل، والانشغال بالسؤال، وصلاحية الرواية كمرآة اجتماعية حقيقية وباعثة للأسئلة الفلسفية في آن.

 

القصة القصيرة مختلفة تمامًا. هي أقرب، في شاغلها، إلى الشعر منها إلى العمل الروائي. لا يملك محفوظ، ولا يصبر على، تكثيف السؤال عبر اللقطة / الحدث / المدى الزمني المحدود. هو يود خطابًا متبادلًا بين النماذج فيجرد الأخيرة من الأطر الحياتية ويجمعها تحت سقف واحد ليتم التحاور مباشرة، ولذا سأم من البناء القصصي ولجأ إلى افتعال "شكل" مسرحي ليتوسع في الخطابة الرمزية. الاستثناء الملحوظ كان قصة "ثلاثة أيام في اليمن"، والتي اجترح فيها بناءً قصصيًا جيدًا حقًا وإن افتقد إلى صدق التناول الفني واعتمد على تمرير وجهة النظر بالانتقاء.


ليست هناك تعليقات: