دائرة القيم التي يتحرك قلم محفوظ بين حوافها ضيقة، ورجعية بالعمق. وهو داخلها يتطلع إلى الأفق البعيد بعيني أشواقه الحقيقية إلى المعرفة الفلسفية؛ إلى إدراك المغزى من الحياة. يمد قامته داخل الدائرة إلى الأعلى مستندًا إلى موهبته. يلفت بتطلعه الانتباه إلى ما لا يقدر عليه غيره، بشكل يتجاوز تمامًا محفوظ والنص نفسه، ويبقى الأخير، بفضل دراسة دلالات الإشارة وبفضل إتقان الكاتب "التقني" - المتأثر سلبًا أحيانًا بضغط ضيق دائرة نشأته وعوامل الضغط عليه.
أجمل ما بالنص بتقديري هو السرد، فهو من أفضل نصوصه من تلك الزاوية، وكلها عذبة سلسة. له إشارات أهم - وأقل مباشرة - وسبق له أن تناول الشخصيات إنسانيًا على نحو أعمق. يحسب له هنا أن حارب ذاته في تصوير البطل؛ فعثمان بيومي هو ثالث "محجوب عبد الدايم" أصادفه في أعمال محفوظ، وتناوله تلك المرة كان الأكثر نضجًا على ما اعتراه من هنات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق